المنتدى الاسلامي للمقاومة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المقاومة في الفن و المقاومة بالفن

اذهب الى الأسفل

المقاومة في الفن و المقاومة بالفن Empty المقاومة في الفن و المقاومة بالفن

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء يونيو 08, 2010 11:58 pm




مقدمة


المقاومة في
الفن والمقاومة بالفن كلتاهما ممارسة جماليَّة، وليست هذه نقطة الاشتراك الوحيدة
فثمة نقاط التقاء أُخْرَى كثيرة، ولكن في مقابل ذلك هناك نقاط افتراق وتضادٍّ
أحياناً، ونقاط الالتقاء والاختلاف هي ما تشكل هويَّة كلٍّ منهما وخصائصها. وعلى
الرَّغْمِ من ذلك هناك الكثيرون الذين يخلطون بَيْنَ المفهومين.



إنَّ
التَّمييز بينهما والتفصيل في خصائصهما أمر مهمٌّ لأكثر من سبب، ومفيد على أكثر من
مستوى وصعيد. رُبَّما يكون ضبط الاصطلاح والمفهوم هو الأكثر أهميَّة لأنَّهُ نقطة
الأساس والانطلاق لأي علم. ذلك أنَّ وضوح المفاهيم والاصطلاحات هو مفتاح الفهم
الصحيح، والتوظيف الصحيح والمفيد، والاستثمار الأكثر فائدة والأكثر سرعة، وإِلَى
جانب ذلك يمكِّننا هذا التحديد من الابتعاد عن اللَّبْسِ الخلط والجدل العقيم
ويضمن لنا توظيف وقتنا على نحو أفضل وأكثر استثماراً...



المقاومة في
الفن عامَّةً هي تصوير مقاومةٍ ما أو أكثر تصويراً فَقَطْ في فنٍّ من الفنون.
تختلف طريقة التصوير وخصائصها تبعاً للمقاومة المصورة والفن الذي تُصوَّر فيه
والفنان المبدع ذاته. ولذلك تتفاوت قدرات الفنون؛ شعر، قصة، رسم... على تصوير
المقاومة تبعاً لأدوات الفن ومـهارة الفنان في استخدامها.



أما المقاومة
بالفن فهي مسعى لتحويل الفن ذاته إلى حالة من حالات المقاومة، فالفنان هنا لا يريد
تصوير المقاومة في فنه وإنما يريد أن يجعل الفنَّ سلاحاً يقاوم به الموضوع المرفوض
بالنسبة له. هذا الموضوع قد يكون احتلالاً، عدواناً، ممارسة اجتماعية خاطئة...



على الرغم من
هذه الفروق بينهما فإنهما يشتركان ببعض الخصائص والنقاط تجعل كل منهما يقوم
بالدورين معاً، أو يرجح أحدهما على الآخر، ويمكن أن يحدث الخلط بينهما أحياناً.
وهذا كله في حقيقة الأمر ما أردنا تبيناه



العلاقة
بين المقاومة والفن:



الأدبُ ضربٌ
من ضروب الفنِّ وليس العكس صحيحاً. والممارسة الفنيَّة ضربٌ من ضروب الإبداع، ومن
المؤكَّد أنَّ الإبداع ممارسةٌ إنسانيَّةٌ محض. والإبداع من خلال تعريفاته
الكثيرة؛ المتداخلة والمتكاملة وحَتَّى المختلفة، هو مقاومةٌ أَو تعزيزٌ؛ مقاومةٌ
لخللٍ وتعزيزٌ لصوابٍ، مقاومةٌ لمبغوضٍ مرفوضٍ وتعزيزٌ لمحبوبٍ مرغوبٍ...



هذا الفهم
للإبداع يمكن اشتقاقه من أيِّ تعريف من تعريفات الإبداع بدءاً من التعريفات
اللغويَّة وصولاً إِلَى التعريفات التقنية الاصطلاحية الَّتي منها على سبيل
المثال: قول ابن فارس بأنَّ الإبداع يشيرُ إلى «ابتداء الشَّيء وصنعه لا عن مثالٍ
سابقٍ»(1 ). وقول ابن منظور: «بَـدَعَ الشَّيء يبدعه بدعاً وابتدعه: أَنشأه
وبدأه»(2 ). وتعريف أَبي البقاء الكفويِّ الذي كان أَكثر دقَّـةً وأَشدَّ ضبطاً إذ
قال: «الإبداع؛ لغةً، عبارةٌ عن عدم النَّظير. وفي الاصطلاح: هو إخراج ما في
الإمكان والعدم إلى الوجوب والوجود ... وهو أَعمُّ من الخلق... وقال بعضهم:
الإبداع: إيجاد شيءٍ غير مسبوقٍ بمادَّةٍ ولا زمانٍ كالعقول، فيقابل التَّكوين
لكونه مسبوقاً بالمادَّة»( 3). وكذلك قول الكسندر روشكا ـ
AL. Rosca: «يمكن (عدُّ) الإبداع وفق تعريفٍ
(مبرمجٍ) الوحدة المتكاملة لمجموعة العوامل الذَّاتيَّة والموضوعيَّة التي تقود
إلى تحقيق إنتاجٍ جديد وأَصيل ذي قيمة من قبل الفرد أَو الجماعة، (وسنعدُّ) وفق
سياق بحثنا أَنَّ الإبداع حصراً هو النَّشاط أَو العمليَّة التي تقود إلى إنتاج
يتَّصفُ بالجدَّة والأَصالة، والقيمة من أَجل المجتمع، أَمَّا الإبداع بمعناه
العام (الواسع) فهو إيجاد حلولٍ جديدةٍ للأَفكار والمشكلات والمناهج» (4). وكذلك
جيلفورد ـ
J.P.
Guilford
الذي ربط الإبداع بالقدرات بقوله: «الإبداع، بمعناه الضَّـيِّق،
يشير إلى القدرات التي تكون مُمَيِّزةً للأَشخاص المبدعين...»( 5).



كلُّ هذه
التعريفات تشير إِلَى امتلاك إرادة التحدي مع القدرة عليها، وإلا كيف يمكن الإتيان
بالجديد غير المسبوق؟ وبأيِّ معنى يتميز المبدعون عن غيرهم اللهم إلا في القدرة
على إنشاء ما لم يسبق بمثله؟



إنَّ انطواء
الإبداع ضمنا على التحدي يعني انطوائه ضمناً على المقاومة. بل حَتَّى التعريفات
الأُخْرى للإبداع الَّتي لا تنظر إليه من زاوية الإتيان بالجديد غير المسبوق تنطوي
ضمناً أيضاً على فاعلية مقاومة للإبداع، فقول روشكا: «الإبداعُ شكلٌ راقٍ للنَّشاط
الإنسانيِّ»(6 ). يصب في معين كون الإبداع ضرباً من النشاط الإنساني المقاوم أَو
المعزز على النحو الذي أشرنا إليه، لأنَّ أيَّ نشاط إنساني يتجه أصلاً إِلَى
فاعليَّة معينة، وأيُّ فاعلية للإنسان لا تبتعد عن أن تكون مقاومة أَو تعزيزاً.



وقولنا:
«الإبداع هو الجانب الخلاَّق من النَّشاط الإنسانيِّ». لا يبتعد أبداً عن هذا
المنحى الدلالي. وكذلك تماماً شأن التعريف الذي أورده المعجم الفلسفي المختصر الذي
جاء فيه أنَّ الإبداع «نشاطٌ هادفٌ، يؤدِّي إلى اكتشاف شيء جديد لم يكن معروفاً من
قبل، أَو استيعاب الثَّروة الثَّقافيَّة المتوافرة استيعاباً فعَّالاً، يستجيب
لمتطلَّبات العصر»(7 ). بل إننا إذا تابعنا تعريف المعجم الفلسفي المختصر، المشوب
أصلاً بنزعة أيديولوجية تقوم على إلزام الأدب برسالة أيديولوجية تحت رداء الأدب
الملتزم، وجدناه يحول الفاعلية الإبداعية كلها إِلَى مقاومة، فهو يقول: «إنَّ
الشَّرط الضَّروريَّ للإبداع هو اهتمام الشَّخصيَّة العميق بعصرها، والقدرة على
استشفاف مشكلاتها الملحَّة في سياق الحالات والأَوضاع الملموسة؛ (الاجتماعيَّة
والمعرفيَّة والمهنيَّة والحياتيَّة والعمليَّة). إنَّ الفعل الإبداعيَّ، الموجَّه
لحلِّ مهمَّات مطروحة موضوعيًّا وقيِّمة اجتماعيًّا، إِنَّما يتحقَّق، في الوقت
ذاته، في صورةِ عمليَّةِ تحقيقٍ للذَّات، تستجيب للمتطلَّبات الدَّاخليَّة
العميقة...»( Cool.



من خلال ذلك
يبدو لنا أنَّ الإبداع في أصله مقاومةٌ، بل المقاومة جزءٌ صميميٌّ من ماهيَّة
الإبداع، ذلك أنَّ التَّعزيز ذاته إذا ما فهمناه من جهةٍ مقابلة للفاعلية
الإيجابيَّة وجدناه أيضاً مقاومة. فالتعزيز نفيٌ وإقصاءٌ لما لا يراد تعزيزه، أي
للوجه المقابل للمُعَزَّز. وبهذا المعنى يمكن أن يفهم قول الشَّاعر فايز خضُّور:
«قصيدة المقاومة لا يمكن أن تنتهي لأنَّ المقاومة نفسها لم ولن تنتهي، فهي مثل
طائر الفينق، والحياة مبنية على مفهوم الصراع وليس على مفهوم التسليم والثبات
والسكون. والمقاومة لا تعني فَقَطْ أن تقاتل بمسدسك أَو بحجارتك... المقاومة أن
تقف أمام الشَّمس عارياً، وتبحث عن هويتك أَو وجودك»(9 ).



هذا هو
المستوى الأول والأكثر أهميَّة للعلاقة بين المقاومة والفن عامَّة والأدب خاصَّة.
ولكنَّ هذا المستوى وحده غير كافٍ لتحديد العلاقة بين المقاومة من جهة والفن عامة
والأدب خاصَّة من جهة أُخْرَى. ذلك أَنَّهُ على افتراض أنَّ الفنَّ أَو الأدب واضح
الدلالة أَو على الأكثر اتضحت شيئاً ما فيما سبق من كلامنا فإنَّ شقًّا ثانياً من
طرفي العلاقة يحتاج إِلَى التوضيح وهو المقاومة. فما المقاومة؟ وما غايتها أَو
هدفها الذي تتوجه إليه؟ وما ميدانها؟ وكيف يمكن أن تكون؟



المقاومة
لغةً واصطلاحاً تشير إِلَى ما يتجاوز الرَّفض والتَّعبير عن الرَّفض إِلَى الفعل
المؤدِّي إِلَى تغيير هذا المرفوض وتبديله إِلَى ما يكون مقبولاً أو يمكن أن يكون
مقبولاً. وبهذا المعنى لن يكون موضوع المقاومة واحداً وحسب، بل لا يمكن إلا أن
تكون هناك موضوعات كثيرة وميادين كثيرة... فقد تكون سياسيَّة وهي الأكثر رواجاً
دلاليًّا لمفهوم المقاومة، وقد تكون اجتماعيَّة أو أخلاقيَّة أَو نفسيَّة.



هنا تتَّضح
النُّقطة الثَّانية أَو المستوى الثَّاني من العلاقة بين المقاومة والفنِّ.
فالفنُّ أوَّلاً ميدانٌ من ميادين المقاومة، وإذا كان لكلِّ ميدانٍ من ميادين
المقاومة طبيعته الَّتي تحدِّدُ موضوعاته ووسائله وأدواته، وإذا كان كذلك موضوع
المقاومة ملزماً بالميدان المناسب والسلاح المناسب... فإنَّ الفنَّ مفتوح القدرة
على استيعاب مختلف الموضوعات ورُبَّما مختلف الأساليب والوسائل والأدوات. فليس من
الصَّعب أبداً أن تندرج كلُّ موضوعات المقاومة في فنون الأدب والفنِّ عامَّة؛ السِّياسيَّة
والاجتماعيَّة والأخلاقيَّة والنَّفسيَّة... بل إنَّ الفنَّ قادرٌ على الجمع بين
بعض موضوعات المقاومة أَو حَتَّى كلها في عمل فنِّيٍّ أو أدبيٍّ واحدٍ... وهذا ما
يصعب جدًّا بل يتعذر تحقيقه في ميدان آخر من ميادين المقاومة وساحاتها.



المقاومة
مفهوم يظنُّ أَنَّهُ واضح ولا يحتاج إِلَى مزيد من الشرح أَو التوضيح... رُبَّما
يكون الأمر كذلك، ولكننا على أيِّ حال لن نفهم المقاومة بمعناها السياسي أَو
العسكري أَو كليهما وحسب، فقد بيِّنا أنَّ موضوع المقاومة يمكن أن يكون أيِّ موضوع
من موضوعات الحياة؛ سياسي، اجتماعي، أخلاقي، نفسي... على أنَّ ذلك لا ينفي حقيقة
رائجة هي أنَّ ذكر المقاومة في الفنِّ وغيره يُدَاعي في الذاكرة على الفور
المقاومة بالمعنى السياسي أَو العسكري، والَّتي يكون ميدانها في الأغلب الأعم
مقاومة احتلال، مقاومة معتدي، مقاومة استعمار، مقاومة مغتصب لأرض أَو خيرات
أمَّة... ولذلك درجت لهذا المعنى الخاص من المقاومة تسميته أُخْرَى هي الكفاح أَو
النضال، وبالإضافة إِلَى الأدب صار يسمى الأدب النِّضالي، أَو النضال بالأدب...
وقد خصُّ الأدب دون غيره من الفنون بإضافة المقاومة إليه لأنَّهُ من أكثر الفنون
الَّتي حملت عبء المقاومة أَو لأنَّهُ من أكثر قدرة على تحقيق ذلك.



لا بأس، هنا،
أبداً في أن يكون حديثنا محمولاً على المعنى الأكثر قرباً من الأذهان لدى ذكر
المقاومة، أَو المعنى الأكثر رواجاً لهذا المفهوم، ولكن أولاً لا يجوز أن يفهم من
ذلك أنَّ هذه هي المقاومة وحسب. ولا يجوز ثانياً إقامة أيِّ تقاطبٍ بين المقاومة
بمعناها الضيق والمقاومة بمعناها العام، بمعنى أنَّ الحديث عن المقاومة بالمعنى
الضيق، ليس إلاَّ صورة من صور الحديث عن المقاومة بالمعنى العام، تنفصل عنها ببعض
الخصائص، أي ببعض ما استقل به الخاص عن العام، تبقى الخصائص الأُخْرى ممثلة للعام
في الخاص.



(1 ) ابن فارس:
مقاييس اللغة ـ ج1 ـ ص 209/ مادة بدع
.


(2 ) ـ ابن منظور : لسان
العرب ـ مادَّة بدع.



(3 ) ـ أبو البقاء الكفوي:
الكلَّيـَّات ـ ج1 ـ ص21.



( 4) ـ
الكسندرو روشكا: الإبداع العام والخاص ـ ص 19.



(5 ) ـ
الدكتور فاخر عاقل: الإبداع وتربيته ـ ص 20.



( 6) ـ
الكسندرو روشكا: الإبداع العام والخاص ـ ص 13.



(7 ) ـ
مجموعة من المختصين: المعجم الفلسفيِّ المختصر ـ ص 6 ـ 7.



(8 ) ـ
م. س ـ ذاته.



( 9) ـ
عمَّار أبو حامد: الشاعر فايز خضور لـتشرين (حوار) ـ جريدة تشرين ـ دمشق ـ العدد
8720 ـ الاثنين 5 رجب 1424هـ/ 1أيلول 2003م.



بتصرف


بقلم
الدكتورعزت سيد أحمد





Admin
Admin
Admin

ذكر عدد الرسائل : 42
العمر : 39
الموقع : http://sterilitemasculine.maktooblog.com
تاريخ التسجيل : 27/07/2008

https://islamyat.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى